تسعة تحديات رئيسية: ما يعرقل مستقبل الهيدروجين الذي نحتاجه
خلال السنوات الثلاث الماضية، حققت الصناعات العالمية تقدمًا كبيرًا في مسيرتها نحو إنشاء اقتصاد يعتمد بشكل أساسي على الهيدروجين النظيف (H2) كوقود رئيسي للنقل والتدفئة وتشغيل العمليات الصناعية. وهذه بمثابة أخبار جيدة، لأن غاز H2 كثيف الطاقة وقابل للتخزين ولا ينتج أي انبعاثات مباشرة من الملوثات أو غازات الدفيئة.
ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به.
في عام 2019، بلغ إجمالي إنتاج الهيدروجين (H2 ) حوالي 70 مليون طن على مستوى العالم، وبحلول نهاية عام 2022، ارتفع هذا الرقم إلى 94 مليون طن، زيادة بنسبة 34%. وهذه من الإنجازات التي في رأيي بمثابة إنجاز كبير. ولكن هناك تبعات لذلك.
صُنع معظم هذا الهيدروجين (H2) عن طريق حرق الوقود الأحفوري المستخدم في صناعة التكرير والصناعات الكيماوية. وأدى إنتاج الهيدروجين الرمادي (H2) إلى إطلاق حوالي 2 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون (CO2) الضار في الغلاف الجوي. هذا الأمر غير مستدام للشركات والدول والسلطات التي تسعى إلى تحقيق أهدافها في تخفيض الانبعاثات والحد من تأثيرات الاحتباس الحراري الناجمة عن انبعاثات غازات الاحتباس الحراري الناتجة عن حرق الفحم أو النفط أو كلاهما.
تسعة قضايا صناعية سترغب في معرفة المزيد عنها
الحاجة الملحة هي تسريع فوري لتطوير الهيدروجين الأخضر (H2 ) المنتج بواسطة عملية التحليل الكهربائي من مصادر الطاقة المتجددة، مثل الشمس والرياح.
على الرغم من وجود علامات مشجعة في جميع أنحاء العالم، فإن هناك أيضًا قضايا حاسمة يجب علينا جميعًا أن نعرف المزيد عنها وأن نتصرف فيها بسرعة. كتبت في مدونتي عن بعض هذه التحديات، قبل بضعة أشهر.
للتوسع في هذه المواضيع، جمعت معلومات إضافية، بعد الاستماع للعروض التقديمية، والاستماع للخبراء في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 27، والمنتدى الاقتصادي العالمي، ومؤتمر CERA WEEK، ومنتدى الهيدروجين الأمريكي الأخير. فيما يلي تسعة نقاط رئيسية:
1. معدات توربينية اثبتت جدارتها لتحقيق النجاح
التوربينات من بين أهم المعدات في سلسلة قيمة الهيدروجين ( H2)، من الإنتاج إلى النقل، والتوزيع، والتخزين، والاستخدام. تعتبر أحد أهم المعدات حسب تحليل الموثوقية والجاهزية وسهولة الصيانة (RAM)، وكذلك مع الأخذ بعين الاعتبار النفقات الاستثمارية والتشغيلية.
لا شك، تتمثل أحد أكبر التحديات التكنولوجية في الضغوط العالية المطلوبة، وحاجة الحفاظ على الغاز النظيف، واستخدام مواد غير عرضة للتقصف.
يعتمد الاختيار بين تقنيات الضغط المختلفة، على الحاجة للضغوط، ومعدلات التدفق. في التطبيقات ذات معدلات التدفق العالية، ونسب الضغط المنخفضة، يُفضل استخدام ضاغط الطرد المركزي. أما في التطبيقات ذات معدلات تدفق منخفضة، ونسب ضغط عالية، يُفضل استخدام ضواغط مكبسية.
ستصبح المعدات التوربينية، بصفتها وحدة متنوعة داخل قطاع النفط والغاز، أكثر أهمية فقط بسبب اعتماد كل مسار من مسارات انتقال الطاقة عليها.
2. ضرورة إجراء تحسين مستمر في جميع أنحاء سلسلة القيمة
لتعزيز اقتصاد الهيدروجين ( H2)، يجب إجراء تحسينات مستمرة في تكلفة وأداء التقنيات المرتبطة بالهيدروجين. وينطبق ذلك على جميع نقاط سلسلة القيمة، بما في ذلك قطاع التوزيع، أي بنية تحتية لضغط الغاز والنقل والتخزين.
يُنتج الهيدروجين (H2 ) عادةً عند ضغوط منخفضة نسبيًا ويجب ضغطه وتسييله قبل النقل. تستخدم الضواغط الترددية، والدوارة، والأيونية، والعاملة بالضغط المركزي لضغط الهيدروجين الغازي.
وتشمل عملية التسييل تبريد الهيدروجين المضغوط مسبقًا عن طريق مبادل حراري ثم تبريده بالكامل باستخدام تأثير جول-طومسون للحصول على الهيدروجين السائل. إنه أحد أهم العمليات لتخزين الهيدروجين كسائل ويطرح تحديات تتعلق بدرجات الحرارة شديدة الانخفاض.
ويُنقل الهيدروجين (H2) من مرحلة الإنتاج إلى مناطق الاستخدام عبر خطوط الأنابيب وعبر شاحنات صهاريج سائلة بالتبريد أو مقطورات أنابيب غازية. تنتشر خطوط الأنابيب عادة في المناطق التي يزداد فيها الطلب، في حين تنتشر محطات التسييل وناقلات السوائل ومقطورات الأنابيب في المناطق التي يقل فيها الطلب. تنطوي بعض معدات النقل مثل ناقلات الأنابيب تتعامل على ضغوط عالية تصل إلى 250 بار للهيدروجين الغازي.
يمكن تخزين الهيدروجين (H2) على شكل غاز أو سائل. ويتطلب تخزينه على شكل غاز خزانات عالية الضغط. بينما يتطلب تخزين الهيدروجين على شكل سائل الحفاظ على درجات حرارة منخفضة جدًا والتعامل مع ضغوط عالية.
3. التصميم للتصنيع بهدف تقليل التكاليف
تزيد تكاليف رأس المال للعديد من تقنيات إنتاج الهيدروجين (H2) بشكل كبير من تلك المتعلقة بوقود آخر. لذلك، يعمل المطورون ومستشارو التصميم والشراء والتشييد (EPC) على تقليل هذه التكاليف من خلال تصميم مبادئ التصنيع. فهم يركزون على إيجاد مواد أفضل، وتقليص عدد الأجزاء الضرورية ، وتصميم أنظمة مبسطة، والانتقال إلى الإنتاج الضخم في مراكز منخفضة التكلفة في جميع أنحاء العالم.
على الرغم من أن الصناعة قد أحرزت تقدمًا كبيرًا في تسويق طرق إنتاج الهيدروجين ( H2) مع مراعاة القدرة التنافسية من حيث التكلف، فإنه يجب علينا أيضًا توسيع نطاق التوزيع والبنية تحتية والنقل في سلسلة القيمة الهيدروجين ( H2). يساعدنا هذا في التغلب على عدم التوافق بين انتشار مرافق البنية التحتية، وإنتاج الهيدروجين (H2).
4. تطوير معايير وسياسات صناعية موحدة
يجب على أصحاب المصلحة في الصناعة تطوير أطر سياسية طويلة الأجل وثابتة لتوجيه تسويق تقنيات الهيدروجين (H2 والانتقال إلى الطاقة في جميع القطاعات، بما في ذلك الطاقة والنقل والصناعة والسكنية.
هناك حاجة ملحة أيضًا لتحسين سلامة تكنولوجيا الهيدروجين (H2) على وجه التحديد، يجب أن نطور رؤية موحدة للوائح والقواعد والمعايير، جنبًا إلى جنب مع أنظمة منح الشهادات التي توفر الشفافية والثقة في المستهلك والقابلية للتداول.
التعاون الصناعي بشأن هذه القضايا جاري تنفيذه حاليًا. تضم مبادرة تسريع إنتاج الهيدروجين النظيف الآن أكثر من 200 عضو من 60 منظمة، بما في ذلك أصحاب المصلحة العامة والخاصة. هذا يعني زيادة عن أقل من 50 عضوًا من 20 منظمة في عام 2020.
5. تسريع الهيدروجين (H2) الأزرق، لنشر الوقود النظيف على نطاق واسع
عند الإشارة للهيدروجين النظيف، نعني كل من الهيدروجين (H2) الأخضر المنتج بواسطة التحليل الكهربائي من مصادر الطاقة المتجددة، والهيدروجين (H2 ) الأزرق المنتج من الغاز الطبيعي بواسطة احتجاز الكربون وتخزينه (CCS) خلال إعادة تشكيل الميثان بالبخار (SMR).
أصبح الغاز الطبيعي مفتاحًا لعملية التخلص من الكربون بسرعة وبتكلفة منخفضة عالميًا، وهذا يشكل تغييرًا كاملاً في المناقشات مقارنة بالعام الماضي. ويعكس هذا أيضًا تحولًا في سياسات وإطارات استراتيجية وزارة الطاقة الأمريكية (DOE).
ولكن هذا ضروري. لتحقيق انبعاثات صفرية من الكربون، نحتاج لحوالي 200 مليون طن من الهيدروجين (H2)، بحلول عام 2030، وفقًا للتقديرات. من المتوقع أن يشكل الهيدروجين (H2) ومشتقاته حوالي 12% من الطلب العالمي على الطاقة بحلول عام 2050.
سيكون من الضروري استخدام المصادر الزرقاء والخضراء لمضاعفة إنتاج الهيدروجين (H2) وتحقيق تحول كبير، بعيدًا عن الهيدروجين (H2) الرمادي على الصعيد العالمي. في الوقت الذي تعمل فيه الصناعة على توسيع نطاق إنتاج الهيدروجين (H2) الأخضر، وجعله تنافسيًا من حيث التكلفة، فإن نشر الهيدروجين (H2) الأزرق بتسريع عملية احتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS)، أمر ضروري في دعم الخطط الرامية للوصول لانبعاثات كربونية صفرية بحلول عامي 2030 و2050.
6. نحتاج لمزيد من السرعة للتنفيذ
في طريقنا إلى الوصول إلى انبعاثات صفرية من الكربون، فإن سرعة التنفيذ هي الأهم. استكشاف القيمة التي يجلبها كل لون من "ألوان الهيدروجين" مثير للاهتمام، ولكنه يمكن أن يكون مصدر إلهاء غير مثمر. بدلاً من ذلك، يجب أن نركز على الاحتياجات الأكثر أهمية والعاجلة لتسريع التنفيذ، وزيادة انتشار الهيدروجين (H2)، مع مراعاة الظروف الاقتصادية، والاجتماعية، والجغرافية، والعوائق والدوافع التجارية، وتنافسية التكلفة، لأماكن الانتشار.
على الرغم من أن ذلك يحدث بالفعل، فأنه يجب تسريعه. تم الإعلان عن أكثر من 680 مشروعًا عالميًا بقيمة تزيد عن 240 مليار دولار. تحزر أوروبا تقدمًا في اتجاه اقتصاد الهيدروجين (H2) الأخضر، ولكن فقط حوالي 10% من المشاريع المعلن عنها وصلت إلى قرار الاستثمار النهائي (FID).
سيكون هناك حاجة إلى مشاريع كلفتها حوالي 750 مليار دولار أمريكي بحلول عام 2030 لزيادة معدل إنتاج الهيدروجين H2 على نطاق واسع في جميع أنحاء العالم.
7. إنشاء سوق عالمية لتداول الهيدروجين يعد أمرًا إلزاميًا
هناك سوق مالية ضئيلة جدًا لتداول الهيدروجين (H2) أو مشتقات الهيدروجين، ولا يمكن للمنتجين أخذ عقود تضمن سعر الهيدروجين (H2) الذي ينتجونه. يجب أن يجتمع صنّاع القرار والممولون والمؤسسات المصرفية، بالإضافة إلى المشترين والمطورين ومقاولي التصميم والشراء والتشييد (EPC) لإنشاء سوق لتداول الهيدروجين (H2).
عندما يتعلق الأمر بتقدم التكنولوجيات الناشئة مثل الهيدروجين (H2) الأخضر والبطاريات والطاقة المتجددة واحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS)، يجب أن نعمل على إزالة أي تفرقة بين الصناعة والحكومة والمجتمع. سيسهم التعاون في تعزيز المبادرات السياسية والتمويلية من خلال نهج الشراكة الاستراتيجية في الصناعة.
8. دمج الهيدروجين (H2) في اقتصادات الغاز الحالية
الغاز الطبيعي المسال (LNG) والغاز الطبيعي (NG) هما خيارات وقود تتمتع بتنافسية تكلفة، قابلية للتوسع وعملية. أما بالنسبة للاقتصادات النامية، فستكون وجهة رئيسية لسنوات قادمة.
على الرغم من الوعود المشجعة، فإن الهيدروجين (H2) الأخضر ليس جاهزًا تمامًا بالمقارنة مع الغاز الطبيعي المسال (LNG)، والغاز الطبيعي (NG) من حيث قابلية التوسع، والجاهزية التكنولوجية، والتكلفة.
كما ذكرت في التحدي الخامس، على المدى القريب، من المنطقي الاستفادة من البنية التحتية الحالية للغاز الطبيعي المسال (LNG)، والغاز الطبيعي (NG). نتيجة لذلك، يمكن أن تدفع تنافسية تكلفة الهيدروجين (H2) الأزرق، اقتصاد الهيدروجين النظيف قدمًا.
بشكل خاص، يمكن تحقيق تقدم كبير بتحديد العوامل المشتركة الموجودة بين الغاز الطبيعي المسال (LNG)، والغاز الطبيعي (NG)، والهيدروجين (H2) لتعزيز انتشار الهيدروجين في قطاعات النقل، وتوليد الطاقة، والصناعات الثقيلة. تشمل الفرص، استخدام محطات تزويد المركبات بوقود مختلط من الهيدروجين (H2)، والغاز الطبيعي المسال (LNG)، واستخدام التوربينات الغازية لتوليد الطاقة بوقود مختلط من الهيدروجين (H2) والغاز الطبيعي (NG).
ستوفر هذه الخطوات، لصناعة الغاز الطبيعي المسال (LNG)، والغاز الطبيعي (NG)، حوافز ومزايا للتكامل مع صناعة الطاقة النظيفة بالهيدروجين ( H2) ودعم تطويرها.
9 معرفة الأطراف المعينة المتنوعة في مجال الهيدروجين (H2)
من القضايا المهمة، وواحدة من أكبر التحديات التي تعيق اقتصاد الهيدروجين (H2) - هي عدم المساواة بين الجنسين.
يمكن أن يؤدي وجود فريق عمل متنوع، عبر سلسلة القيمة، لمناقشات وقرارات ونتائج أفضل.
إشراك مزيد من القادة النساء في مجال التكنولوجيا الناشئة هو أحد السبل المهمة لدفع التغيير في أي عمل أو منظمة. وتمكين النساء لقيادة مناقشات أصحاب المصلحة في صناعة الهيدروجين (H2) يمكن أن يؤدي إلى إنشاء شراكات تحويلية ودعم النمو العالمي الشامل.
توفر مبادرات مثل "النساء في قطاع الهيدروجين الأخضر" (WiGH)، منصة للتواصل وتمكين مشاركة النساء، لكن هذا سيحتاج لدعم إضافي من شركاتهن.
مساعدة الصناعة مع استراتيجيات انتشار الهيدروجين( H2)
لقد كنت مُكلفًا برئاسة مؤتمر الهيدروجين الأمريكي منذ بدايته في عام 2021. خلال تلك الفترة، شهدت تغيرًا في توجه أصحاب المصلحة في الصناعة فيما يتعلق بنشر تقنيات الهيدروجين (H2) المختلفة ودور الهيدروجين ( H2) في تحول الطاقة وتكامل التكنولوجيا. اختتمنا مؤتمرنا الأخير بهذه النقاط التسع الجديدة، المقدمة على أمل مساعدة الأطراف المعنية الصناعة في معالجة استراتيجياتهم لانتشار الهيدروجين.
تأتي خبرة Flowserve من موظفينا
تعمل راخي على تطوير استراتيجيات خفض الكربون للشركات، من خلال مواءمة مجموعة خدمات ومنتجات Flowserve مع أهداف الشركة في مجال إزالة الكربون، والتنويع، والتحول الرقمي، لمساعدة العملاء على تحقيق أهداف الحياد الكربوني. تتمتع بخبرة تزيد عن 21 عامًا في صناعة الطاقة على مستوى العالم، حيث طورت ونفذت مشاريع بنية تحتية للطاقة (الغاز الطبيعي المسال) بمليارات الدولارت، من خلال قيادة التصميم الفني، وإدارة هندسة المشاريع. تعتبر راخي قائدة مرموقة في قضايا الصناعة ومؤلفة لمنشورات دولية. تم تكريمها عام 2022 بوصفها بطلة في مجال الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات والتغير المناخي من قبل جوائز Ally Energy، وكانت من المرشحين النهائيين لجائزة إكسون موبيل للقوة والتأثير (ExxonMobil Power Play Award).
